الأسد تحت الوصاية الإيرانية – طارق الحميد – الشرق الأوسط
فالصورة التي بثتها «سانا»، ونشرتها صحيفتنا على صدر صفحتها الأولى أمس، تظهر أن الأسد كان يجلس وإلى يمينه جليلي، بينما جميع حاضري الاجتماع كانوا من الوفد الإيراني، فلم تظهر الصورة وليد المعلم، ولا بثينة شعبان، ولا حتى المقداد، أو جهاد المقدسي. فعلى يمين الأسد، ويساره، كان كل الجالسين، حسبما أظهرت الصورة، إيرانيين، بينما بثت «سانا» في وقت آخر من يوم اللقاء، صورة أخرى لاجتماع منفصل عقده جليلي مع وليد المعلم، وفريق الخارجية الأسدية. وهذا في حد ذاته يعد مؤشرا على أن الأسد قد بات الآن تحت الوصاية الإيرانية الكاملة، وهو ما أكدته طهران بتصريحات جليلي نفسه التي أعلن فيها وقوف إيران مع الأسد، وأن طهران لا تقبل بكسر ما سمته محور الممانعة، فقد جرت العادة في كل لقاءات الأسد، وتحديدا منذ اندلاع الثورة السورية، أن يكون الضيف الزائر على يمينه، وبعده الوفد المرافق، بينما يكون أعضاء الحكومة الأسدية على يسار الأسد، وهو ما لم يحدث في لقاء الأسد ومبعوث خامنئي جليلي. ومن هنا فإن السوريين اليوم لا يقاتلون طاغية دمشق فحسب، بل يقاتلون أيضا إيران التي تريد فرض الأسد عليهم، وبقوة السلاح!
والدلالة الأخرى لصورة لقاء الأسد – جليلي هي أن إيران صارت مقتنعة – أكثر من أي وقت مضى – بأن أيام الأسد باتت معدودة، وهو ما يؤكده انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب. لذا فإن طهران ترمي بثقلها حاليا لحماية الأسد، الذي أصبح ملفه الآن بيد المرشد الأعلى الإيراني شخصيا، مما يعني أن الأسد بات مثله مثل نوري المالكي، وحسن نصر الله، لكن هل يضمن ذلك البقاء للأسد؟ بالطبع لا. فدفاع إيران العلني عن الأسد، وبالشكل الذي ظهر في زيارة ممثل المرشد، ولقائه بالأسد، يؤكد أن السوريين يواجهون اليوم معركة طائفية تخاض ضدهم من قبل طهران، مما سيكشف طائفية ونفاق النظام الأسدي والإيراني على حد سواء، كما سيزيل آخر ورقة توت عن النفاق الإيراني في منطقتنا.
ومن هنا، فإن صورة لقاء الأسد بجليلي تعتبر أبرز صورة ستبقى في ذهن الثوار السوريين، وكل المنطقة العربية، وكذلك المجتمع الدولي. فالرؤية الآن باتت واضحة في سوريا، حيث تتدخل إيران لمساعدة نظام متهاوٍ، وتقوم بتقديم كل العون له من أجل قتل شعبه الأعزل، وعلى مستوى المرشد الإيراني، وسط تخاذل دولي في عملية تسليح الثوار السوريين.
وعليه فإن التدخل الإيراني السافر في سوريا يظهر أن ما يحدث هناك هو ثورة سورية خالصة، وعلى يد أبناء سوريا أنفسهم، وليس بدعم خارجي كما يردد الأسد، أو طهران، التي أرسلت جليلي لمقابلة الأسد في لقاء ربما يكون بمثابة قبلة الوداع، وهذا ما سنراه قريبا، فالأيام حبلى بالمفاجآت من دون شك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق