31 مارس 2012 / 8 جمادى الأول 1433
على أبواب اجتماع أصدقاء سورية والمقرر عقده في الأول من شهر نيسان تتساقط الحجج والذرائع التي كان يتستر فيها الغرب لتبرير تلكؤه في سحب الشرعية عن النظام السوري بصورة فعلية، لا شكلية، ولا تكتفي بالشجب والاستنكار ودعوات التنحي التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
مؤتمر المعارضة في اسطنبول
استبقت المعارضة السورية اجتماع "أصدقاء سورية" بمؤتمرها الأخير في السابع والعشرين من آذار الحالي في اسطنبول لتزداد عوامل التوحد بين أواصر هذه المعارضة بشكل لا يدع مجالاً للغرب لتكرار مقولة "تشتت المعارضة"، فرغم انسحاب عدد قليل من الأكراد "وليس جميعهم"، وانسحاب بعض الأفراد من المؤتمر، لم يؤثر ذلك على الصورة العامة لتوافق المعارضة، بل يمكن القول إن المعارضة الآن في أفضل أحوال توافقها منذ انطلاق الثورة السورية، فرغم أن القول بعدم توحد المعارضة مرفوض من حيث المبدأ، إذ لا توجد في كل دول العالم معارضة موحدة، بل لكل حزب معارض برنامج خاص يختلف فيه عن غيره من الأحزاب المعارضة، رغم ذلك فإن المعارضة السورية الآن باتت أكثر من أي وقت مضى موحدة ومتوافقة. وبموقف المعارضة الأخير تكون إحدى "الكرات" التي يقذفها الغرب تجاه الشعب السوري قد عادت إلى ملعبه.
"عهد وميثاق" إخوان سورية
إلا أن الحدث الأهم في لعبة الكرات المتقاذفة هو ما صدر عن جماعة الإخوان المسلمين السورية من "عهد وميثاق" في الخامس والعشرين من شهر آذار الحالي والتي أسست فيها الجماعة لمرحلة الدولة الحديثة في سورية ما بعد الأسد، حيث أجابت الوثيقة بنقاطها العشر على كل التساؤلات والتخوفات الداخلية والخارجية.
وتأتي أهمية هذه الوثيقة من جهة صدورها من أكبر الجماعات الإسلامية "السنية" في سورية، كرد غير مباشر على وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي تحدث في الثالث والعشرين من مارس الحالي عن مخاطر قيام دولة سنية ما بعد الأسد، والحق أنّ لافروف تكلم بلسان الجميع في الغرب الذين ربما لم يملكوا الجرأة و"الوقاحة" التي امتلكها لافروف بتصريحه الأخير.
فالكل متخوف من حكم الأكثرية في سورية، ولافروف كان الأجرأ في الطرح لا أكثر، لذلك كانت وثيقة الإخوان الأخيرة بمثابة الكرة الأهم التي تُرمى في الملعب الغربي، ليقف الغرب الآن أمام المحك، في ظل دماءٍ سوريةٍ تراق وبغزارة، مقابل صمت مريب من قبل الدول التي تدعي حماية حقوق الإنسان، لتكتفي بإدانات خجولة لا ترقى إلى مستوى الحدث في ذلك البلد.
إن العهد والميثاق الذي طرحه إخوان سورية مؤخراً يعد الوثيقة الأهم لتطمين الداخل والخارج على حد سواء (من جهة أنها صدرت من أكثر الكتل السنية تنظميًا وأكثرها مصداقية لدى الشعب)، وبعد هذه الوثيقة فإن أي حديث يصدر من أي جهة داخلية كانت أو خارجية يطالب بحقوق الأقليات أو يتخوف من تسلط جهة أو جماعة أو طائفة فسيدخل في باب الحق الذي يراد به باطل، وسيفهم على أنه ذريعة لإطالة عمر النظام السوري ودعم قمعه الدموي للشعب الأعزل.
مؤتمر أصدقاء سورية
وبناءً عليه وفي ظل التوافق الذي وصلت إليه المعارضة السورية والذي تزامن مع وثيقة "عهدٌ وميثاق" فإن على "أصدقاء سورية" الذين سيحضرون المؤتمر في نيسان المقبل أن يتحملوا مسؤولياتهم، ويتخذوا الخطوات الحقيقية في سبيل وقف نزيف الدم السوري، وأن لا يتذرعوا بالحجج الواهية كالفيتو الروسي أو وجود تنظيم القاعدة، أو التخوف من حرب أهلية في حال سقط النظام الحالي، أو في حال مدّ الجيش السوري الحر بالأسلحة النوعية، فالشعب السوري واعٍ تماماً، ورغم ابتعاده قسراً عن عالم السياسة لعقود مضت إلا أنه وفي شهور ثورته القليلة بات أصغر طفل في الشعب السوري يعلم ما يجري حوله، ولم تعد الخطابات الرنانة تطربه.
عبد الله زيزان
باحث وكاتب في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق