الثلاثاء، 24 يوليو 2012

موت خطة أنان في استقبال الجنرال مود



 موت خطة أنان في استقبال الجنرال مود 
   
كعادته يتحفنا النظام السوري بفرقعة بروباغندية عند أي حدث دولي مرتبط بسوريا وبحفظ السلام فيها ، وهذه المرة ليست كسابقاتها لأنها تتعلق برئيس البعثة الدولية المسؤول عن تطبيق خطة أنان الجنرال النرويجي روبرت مود الذي غادر سوريا قبيل أقل من اسبوعين دون إبداء سبب ظاهر ومبرر ، فكان لا بد من " كذبة " بحجم تفجيرات إدلب لتكون على مستوى يليق بوزن الجنرال الذي سيعتمد عنان على تقريرفريقه .

ولم يكن النظام السوري ليلاقي رجلا بوزن مود دون أن يستقبله بكرم الضيافة و يسقيه نخبا أحمر قان من دماء شعبه ، سقى  منه الدابي قبل ذلك ويسقي منه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي لا زال يساويه بضحيته مطلقا العنان له للبرهان على " صدقه " بأي ثمن مقابل مصالح لا تقدّر بثمن على رأسها حماية الكيان الإسرائيلي الذي يهمّ بالدرجة الأولى اللوبي الصهيوني العالمي المتحكم بالقرار الدولي .

 ثلاثة تفجيرات قوية متتابعة شهدتها محافظة إدلب إحدى أهم المدن الشمالية الثائرة الخارجة عن سيطرة النظام كانت كفيلة بتحويل لهجة الخطاب عند الأمين العام للأمم المتحدة  بان جي مون من نبذ العنف إلى نبذ  العمليات "الإرهابية " التي صرّح بها لأول مرة منذ انطلاقة الثورة وهذا التصريح لا يطلق عادة في الشرق الأوسط إلا على عمليات القاعدة ، وفيه مؤشرٌ عن انحياز المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة لخطاب النظام السوري الذي يتعامل مع المقاومة التي خرجت لتحمي المتظاهرين على أنها جماعات إرهابية مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة .

تصريحات جي مون بالأمس عن العمليات الإرهابية جاءت لتؤكد مرة أخرى ( للشعب السوري على الأقل ) بفشل مهمة أنان وأنها لم تكن إلا مهلة جديدة يقتنصها النظام لكي يجهض الثورة في الداخل عسكريا بقضائه على المدن المنتفضة من جهة ، وليخلق في ذات الوقت مبررات يراوغ بها المجتمع الدولي المتباطئ والمتواطئ معه سياسيا ، بدلالة ما يلي :

أولا - تصريحات بان جي مون الأخيرة عن " العمليات الإرهابية " وانحراف الخطاب ليتوافق مع خطاب النظام السوري إضافة إلى تصريحاته المضللة عن التحسّن في المناطق التي وصل إليها المراقبون ، فلا تدري ماذا يقصد بالتحسّن ، هل هو تغيير طريقة القتل واعتماد أساليب جديدة ومبتكرة في وقت لا يزال الجيش النظامي يقصف بابا عمرو وأحياء من حمص إلى جانب قصف بالطيران الحربي وتفجيرات مفتعلة في أكثر من محافظة .

ثانيا - استشهاد أكثر من 400 مواطن سوري منذ وصول بعثة المراقبين الدوليين إلى سورية ،والبطؤ الشديد في وصولهم إلى سوريا بحجج واهية مثل بعدهم وتفرقهم في أكثر من مكان ودولة ، فحتى لو اكتمل المراقبون الى 3000 بدل من 300 لن يصلوا إلا بعد أسابيع ،هل سينجحون في مراقبة 700 قرية ومدينة ثائرة ضد النظام .

ثالثا - تجاوب المجتمع الدولي مع فبركات وتضليلات النظام السوري والتصريحات الغربية المتتالية وخاصة الأمريكية عن وجود القاعدة في سوريا وهي نوع من تبرير التعامل الأمني للنظام إلى جانب تنوّع أساليب التمهيد والتغطية الإعلامية من النظام لاقتحامه للمدن الثائرة بما يتوافق مع ردات فعل المجتمع الدولي ومقدار ضغطه عليه ، فكان لا بد من افتعال كذبة بحجم " التفجيرات الإرهابية الثلاثة لإدلب " لاقتحامها بوجود رئيس بعثة المراقبين الدوليين .

رابعا – تحوّل التصريحات الروسية من الحياد السلبي إلى مطالبة النظام السوري بالهجوم على المعارضة والتعامل " بحزم " مع المعارضة وهو تحوّل سلبي خطير وضغط سياسي روسي باتجاه فرض وجهة نظر النظام السوري 

خامسا -  تصريحات نائب وزير الخارجية السوري أشرف المقداد بالأمس خلال استقباله مود دليل واضح على استفادة النظام السوري من نجاح فبركاته ، وخروجه في صورة المراقب لنجاح خطة عنان ووقوفه بوجه كل الدول والأطراف التي تعمل على إفشال المهمة .


عبدالرحمن شردوب 
مركز أمية للبحوث والدراسات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق