مدينة حلب التي ظلت هادئة طوال العام الماضي بالمقارنة مع المدن الرئيسية الاخرى، مثل حمص وحماة ودير الزور تتمتع بمكانة استراتيجية، مهمة لكونها ملاصقة جغرافيا واقتصاديا لتركيا، ومقر البرجوازية التجارية السورية، وظلت موالية للنظام منذ انطلاقة الانتفاضة الشعبية المطالبة بالتغيير الديمقراطي.
المعارضة السورية باطيافها المتعددة، تريد ان تتحول مدينة حلب الى ‘بنغازي’ سورية بمعنى ان تتحول، في حال سقوطها، الى ملاذ آمن للمقاتلين ضد النظام، والعناصر العسكرية المنشقة، او التي في طريقها للانشقاق عن النظام.
الجماعات الاسلامية المتشددة نجحت في الاستيلاء على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهي خطوة تعني تسهيل مرور الاسلحة والمقاتلين الى العمق السوري، وتوجيه ضربة معنوية قاصمة للنظام.
سقوط بنغازي في يد المعارضة الليبية، وتحويلها الى جيب آمن خارج سيطرة نظام العقيد القذافي وكتائبه، ادى الى التركيز على مدينة مصراتة وهزيمة قوات النظام فيها بمساعدة غارات حلف الناتو، مما سهل اقتحام مدينة طرابلس مقر القيادة الليبية.
النظام السوري يدرك المكانة الاستراتيجية والمعنوية لمدينة حلب والخسارة الكبيرة التي ستلحق به في حال سقوطها، ولهذا ارسل تعزيزات عسكرية ضخمة الى المدينة، استعدادا لشن هجوم كبير في محاولة لاستعادة الاحياء التي سيطر عليها المقاتلون المعارضون التي تشهد منذ اسبوع اشتباكات شرسة
الانباء القادمة من حلب تفيد ان قيادة النظام التي تشرف على سير المعارك ارسلت وربما للمرة الاولى قوات خاصة لمساندة القوات النظامية الموجودة في المدينة، وفي المقابل وصل حوالي 1500 الى 2000 مقاتل لتعزيز قوات المعارضة في المدينة.
اننا على ابواب معركة كبرى، بل المعركة الاكبر منذ بدء الصراع المسلح، الامر الذي يعني سقوط اعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين طرفي هذه المعركة، علاوة على المدنيين الذين باتوا محشورين في الوسط.
الازمة السورية تتفاقم وسط جمود كامل في الجهود الدبلوماسية لايجاد حلول ومخارج سلمية بعد وصول مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان الى طريق مسدود، وتصاعد التوقعات باحتمال تدخل عسكري من قبل تحالف يضم قوات عربية وغربية.
التدخل العسكري الخارجي الذي بات احتمالا قويا حسب تسريبات مصادر غربية في واشنطن ولندن قد يؤدي الى انفجار حرب اقليمية في المنطقة بعد تهديدات ايرانية صريحة بان طهران لن تسمح بسقوط النظام السوري.
فمن الواضح ان وصول العميد مناف طلاس قائد الفرقة 105 في الحرس الجمهوري السوري قبل انشقاقه الى اسطنبول بعد زيارة الى المملكة العربية السعودية التقى خلالها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هو مقدمة لتأهيله لدور قيادي في مرحلة ما بعد سقوط النظام حسب ما يأمل تحالف اصدقاء سورية الذي تتزعمه كل من تركيا والولايات المتحدة.
معركة حلب ستكون هي المعركة الفاصلة وقد تؤدي السيطرة عليها الى اعلانها منطقة محررة ومقر حكومة الوحدة الوطنية التي يجري العمل على تشكيلها من اطياف فصائل المعارضة السورية.