الثلاثاء، 24 يوليو 2012

لماذا تأخر النصر؟!


لماذا تأخر النصر؟!

APRIL 09, 2012

الإثنين - 9 ابريل 2012 / 17 جمادى الأول 1433


انتفضت الشعوب العربية معلنة نهاية مرحلة من الظلم والخنوع والذل والمهانة، وزلزلت الأرض من تحت أقدام الظالمين، فانهزم وسُجِنَ وقُتِلَ بعض هؤلاء ، وتأخر مصير المجرم بشار ومن معه.
        فيا ترى لماذا تأخر مصير هذا الطاغية ؟ وبالتالي تأخر النصر؟.
        لا شك أن هناك حكمًا إلهية بعيدة عنا، ونحن مؤمنون بها يقينا، لكن علينا بذل الأسباب لمعرفة المشكلة، فسوريا الحبيبة عاشت عشرات السنين تحت حكم نظام طائفي فاسد، بدأ حكمه بمشروع إخراج الأخيار من الاسلاميين وغيرهم من البلاد، وأحكم خطته بافتعال النزاع المسلح مع الإسلاميين، ومن ثم إخراجهم من وطنهم بعد التضييق عليهم، فهاجر مئات الألوف من أخيار الشعب ،كما سجن وقتل وأشاع الرعب والخوف بين الناس، فضلا عن البدء في تنفيذ خطته بإفساد المجتمع وإخراجه عن قيمه ومبادئه ونزع كل ما فيه من خير، حتى جعل سوريا قبلة لمن يريد أن يقضي شهوته من الفساد عوضًا عن الغرب.
        ولكن هذا الجيل الذي أعده لمثل هذه اللحظة انتفض عليه مهيئا الله الأسباب لقيام هذه الثورة المباركة منطلقة من مكان غير متوقع هو (درعا) التي تعتبر إحدى ركائز النظام، فعمَّت الثورة وطننا الحبيب بكل مدنه وقراه ومع كل هذا تأخر الفرج.. فيا ترى لماذا؟!
        هناك عدة أسباب تصلح لتفسير ذلك منها:
·       أن هذا الإفساد الذي امتد عشرات السنين من غير الممكن إصلاحه في فترة قصيرة، بل لا بد من تغيير جيل كامل، وبفضل الله وبفضل هذه الثورة المباركة جاء التغيير سريعا والحمد لله. ولكن الله اذا أحب عبدا ابتلاه، ومن حكم الابتلاءات أنها تجعل الإنسان يعود إلى ربه ويرجع إليه الرجوع الحقيقي.. نعم لو لاحظتم التدرج في رفع الشعارات التي تشير بوضوح إلى عودة أبناء هذا البلد الطيب إلى ربهم وزيادة صلتهم به واعتمادهم عليه، لكن هذه الصلة لازالت ليست على المستوى المطلوب  وان كان تحقيقها ليس ببعيد ان شاء الله.
·       نحن نتمنى النصر السريع لكن ماذا لو تحقق بسرعة هل تتصورون ماالذي سيحدث في بلدنا ؟!ان ما فعله النظام بعقول أبناء بلدنا ليس بالقليل، ويحتاج للكثير لتغييره، ولم يبق إلا القليل بإذن الله.
 وهذه التضحيات ماهي إلا أساسا لوطن متين ذي قواعد ثابتة تحميه من العوادي ، وقد بدأت ملامح هذا الوطن من خلال تآلف أبنائه، وازدياد المحبة بينهم، وقربهم من الله،  فهذه المحنة منحتهم أشياء كثيرة والحمد لله.
·       نجاح النظام فعلا في كسب ود بعض الشعوب بخطابه المقاوم والممانع والذي سخره لخدمة أهدافه وبالفعل نجح في ذلك، وكان لتأخير النصر الدور البارز في كشف وتعرية هذا النظام المجرم، فبعد أن رأى العالم أن هذا المقاوم والممانع الذي لم يطلق رصاصة واحدة إلى العدو الحقيقي -الصهيوني- كيف وجه أسلحته الخفيفة والثقيلة  على أبناء سوريا، ليعرف من خُدع به على حقيقته الاجرامية، وإن ذهب.. فغير مأسوف عليه.
·       نجاح النظام المجرم خلال فتره حكمه في بناء جيش وأمن قويين ليدافعا عنه في مثل هذا اليوم، بدلا من حماية المدنيين العزل من أبنائنا.
·       التآمر الدولي على وطننا الحبيب بحكم الموقع الذي يفرض على الغرب ابقاء هكذا نظام لخوفه من القادم.
ان كل ما ذكرناه ليس معناه تثبيط الهمم أو التقليل من التضحيات المبذولة ولكنها دعوة لبذل المزيد من الجهد والعرق حتى يتحقق النصر المنشود والموعود بإذن الله مصداقا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) وليعلم أهلنا المضطهدون والمظلومون أن يوم خلاصهم قريب بإذن الله ، وإن أخذه أليم شديد (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

د. عبد الناصر تعتاع
باحث وكاتب في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق