إعداد مركز أمية
التفاصيل
ارتقى أكثر من 220 شهيداً في بلدة التريمسة بريف حماة في واحدة من أسوأ المجازر التي ترتكب منذ بداية الثورة السورية وذلك إذا ما علمنا أنّ سكان هذه البلدة لا يتجاوز العشرة آلاف نسمة فقط.
فقد عثر على جثث أكثر من 150 شهيداً في مسجد التريمسة الكبير و 70 شهيداً أخرين في الأراضي الزراعية ونهر العاصي وفي بعض المنازل، بالإضافة إلى أكثر من 140 جريحاً بينهم 40 بحالة خطرة، وقد تم اعتقال 100 شاب من أبناء البلدة.
بدأت مجزرة التريمسة صباح يوم الخميس 12-07-2012 حين توجه رتل مؤلف من 25 سيارة محملة بعناصر الجيش و الشبيحة بالإضافة إلى عربات الشيلكا وعشرات الدبابات إلى هذه البلدة ومحاصرتها من جهاتها الأربع، وبدأ القصف العنيف والعشوائي على المنازل بالتزامن مع تحليق للطيران الحربي وقطع للاتصالات وللتيار الكهربائي, ما منع الأهالي من النزوح من القرية بسبب هذا الحصار المفروض عليها.
ولم يتمكن الجيش الحر من الاستمرار في حماية المدنيين في تلك البلدة لأنّ تواجده فيها كان محدوداً منذ البداية، فالبلدة لا تعد من المعاقل الأساسية للجيش الحر، وربما هذا يفسر سهولة دخول القوات النظامية إلى البلدة في وقت قصير جداً، حيث انتهت الاشتباكات بين الجيش النظامي والحر بوقت قياسي، ليدخل بعدها الجيش النظامي مدعوماً بالشبيحة الذين توافدوا من القرى العلوية المجاورة للبلدة وهي (الصفصافة – تل سكين – أصيلة – حنجور)، وتبدأ فصول واحدة من أبشع جرائم القتل الجماعي في سورية منذ انطلاق الثورة السورية…
وقد بدأت القوات النظامية أعمالها في الحارة الشمالية من البلدة حيث أحرقت العديد من البيوت منها بيت مختار البلدة، وقد قضى عدد من الضحايا ذبحاً بالسكاكين وأحرقت جثث آخرين، وقد أعدمت عدة عوائل بالكامل نساءً ورجالاً وأطفالاً…
ردود أفعال محلية
وقد أكدّ فادي سامح احد النشطاء في تريمسة والذي غادرها قبيل المجزرة وكان على اتصال مع سكانها أن ميليشيات علوية من القرى المجاورة نزلوا على تريمسة بعد تأكدهم من انسحاب المدافعين عنها من الجيش الحر وبدأوا بقتل الناس، مشيرا إلى أنّ “كل عائلة في البلدة قتل بعض أفرادها.
وحمّل الشيخ صالح الحموي في اتصال مع قناة الجزيرة نظام الأسد وشبيحته مسؤولية المجزرة واصفا إياها بأنها “هدية” من النظام للطائفة العلوية “ليبرّد” وليثبت قلوبهم التي تكتوي من انهيار النظام، وهو ربما ما دعا الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي لأن يعلن الجهاد ضد النظام داعيا السوريين للتوحد وبذل الغالي والنفيس والتطوع للجيش الحر وتقديم الدعم المطلق له في سبيل الدفاع عن الأبرياء، وحماية المدن والقرى والأحياء.
ومن الناحية العسكرية أكد العميد مصطفى الشيخ، قائد المجلس العسكري الأعلى أنّ الجيش النظامي اقتحم بلدة التريمسة فجر الخميس بـ150 دبابة، وأن أهلها لم يتعرضوا يوما للقرى العلوية المجاورة التي تساند النظام وأن نظام الأسد انتقم منها لأنها تناصر الثورة، أما العقيد رياض الأسعد، قائد الجيش السوري الحر فقد حمل نظام الأسد وشبيحته مسؤولية المجزرة، ودعا جميع السوريين, مدنيين وعسكريين، إلى النفير العام من خلال قطع جميع الطرقات وضرب قوات النظام خاصة المطارات العسكرية.
وقد أدانت لجان التنسيق المحلية العمل الإجرامي البشع الذي ارتكبه النظام والذي يُضاف إلى سجله الحافل بفظائع لا تميز بين رجل وامرأة، طفل أو شيخ مسن، مستخدماً المنهج والأدوات والوسائل الإجرامية ذاتها من قتل وذبح وحرق، وقد طالبت اللجان الثوار بالعمل على تصعيد الحراك الثوري بمختلف أشكاله، والتنبه لمخاطر مخططات النظام على مستقبل البلاد، والتعويل على قدرات شباب الثورة أولاً وأخيراً من أجل الوصول إلى إسقاط نظام الفساد والإجرام بكل رموزه ومرتكزاته”.
أما عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري فقد قال أن المجزرة وصمة عار على جبين الإنسانية من نظام أضحى خطرا على الأمن والسلم الدوليين ولابد للمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويتحرك عبر مجموعة أصدقاء سوريا وهي تمثل شرعية دولية ومغطاة بقرارات من الجمعية العمومية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”. مطالباً منه اتخاذ قرار تحت الفصل السابع بما في ذلك استخدام القوة مؤكدا على أن “شعبنا لن يتراجع حتى النصر” وعلى دعم الجيش الحر وبكل أشكال الدعم”.
في حين دعا برهان غليون، عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، كل الشعوب العربية والإسلامية لدعم الجيش الحر وبكل أشكال الدعم لخوض حرب التحرير ضد النظام لأن الشعب بإرادته قادر على تحقيق النصر ، مشددا على وجوب أن يتسلح كل من يستطيع حمل السلاح في سوريا للدفاع عنها، وأضاف أن الشعب لن يبقى منتظرا الموت على يد عصابات الأسد.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين في سورية قد استنكرت المجزرة في وقت مبكر لانتشار خبرها واصفة إياها بالأفظع والأشنع والأقسى التي ارتكبها نظام الأسد مستعينا بكوفي عنان والروس والإيرانيين وكل الصامتين عن دماء السوريين، وأكّدت في بيان على أن إرادة السوريين لن تنكسر حتى يحققوا غايتهم، وبينما عزّت أهالي شهداء سورية التي “لن تذهب دماؤها هدرا” عزّت الإنسانية جمعاء في قيمها وأخلاقها بسبب صمتها عن مجازر النظام الوحشية.